فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}.
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولو أن أهل القرى آمنوا} قال: بما أنزل {واتقوا} قال: ما حرم الله: {لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} يقول: لأعطتهم السماء بركتها والأرض نباتها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معاذ بن رفاعة عن موسى الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معاذ بن رفاعة عن موسى الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض».
وأخرج البزار والطبراني بسقد ضعيف عن عبد الله بن أم حرام قال: صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكرموا الخبز فان الله أنزله من بركات السماء، وسخر له بركات الأرض، ومن يتبع ما يسقط من السفرة غفر له».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أهل قرية أوسع الله عليهم حتى كانوا يستنجون بالخبز، فبعث عليهم الجوع حتى أنهم يأكلون ما يتغذون به. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}.
لو آمنوا بالله، واتَّقُوا الشِّرْكَ لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض بأسبابِ العطاء- ولكنْ سَبَقَ بخلافه القضاء- وأبوابِ الرضاء، والرضاءُ أتمُّ من العطاء.
ويقال ليست العِبْرة بالنعمة إنما العبرة بالبركة في النعمة، ولذا لم يَقُلْ أضعفنا لهم النعمة ولكنه قال: باركنا لهم فيما خوَّلنا. اهـ.

.تفسير الآية رقم (97):

قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كانوا قد ضلوا ضلالًا بعيدًا في غلطهم في جعلهم السراء والضراء سببًا للأمن من مكر الله، قال منكرًا عليهم أمنهم عاطفًا له على {كذبوا} لأنه سبب الغلط وهو سبب الأمن فقال: {أفأمن أهل القرى} أي كذبوا ناسين أفعالنا المرهبة بالمضارّ والمرغبة بالمسارّ فأمنوا {أن يأتيهم بأسنا} أي الناشيء عما لنا من العظمة التي لا ينساها إلا خاسر {بياتًا} أي ليلًا وهم قد أخذوا الراحة في بيوتهم، ولما كان النوم شيئًا واحدًا يغمر الحواس فيقتضي الاستقرار، عبر بالاسم الدالّ على الثبات فقال: {وهم نائمون} أي على غاية الغفلة عنه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم إنه تعالى أعاد التهديد بعذاب الاستئصال فقال: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى} وهو استفهام بمعنى الإنكار عليهم، والمقصود أنه تعالى خوفهم بنزول ذلك العذاب عليهم في الوقت الذي يكونون فيه في غاية الغفلة، وهو حال النوم بالليل، وحال الضحى بالنهار؛ لأنه الوقت الذي يغلب على المرء التشاغل باللذات فيه.
وقوله: {وَهُمْ يَلْعَبُونَ} يحتمل التشاغل بأمور الدنيا، فهي لعب ولهو، ويحتمل خوضهم في كفرهم، لأن ذلك كاللعب في أنه لا يضر ولا ينفع. اهـ.

.قال ابن عطية:

{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ}.
هذه الآية تتضمن وعيدًا للكفار المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه لما أخبر عما فعل في الأمم الخالية قال: ومن يؤمن هؤلاء أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، وهذا استفهام على جهة التوقيف، والبأس: العذاب، و{بيانًا} نصب على الظرف أي وقت مبيتهم بالليل، ويحتمل أن يكون هذا في موضع الحال. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى}.
الاستفهام للإنكار، والفاء للعطف.
نظيره: {أَفَحُكْمَ الجاهلية} [المائدة: 50].
والمراد بالقرى مكة وما حولها؛ لأنهم كذبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: هو عام في جميع القرى.
{أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا} أي عذابنا.
{بَيَاتًا} أي ليلًا {وَهُمْ نَائِمُونَ}. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {أفأمن أهل القرى}.
هو استفهام بمعنى الإنكار وفيه وعيد وتهديد وزجر، والمراد بالقرى مكة وما حولها، وقيل: هو عام في كل أهل القرى الذين كفروا وكذبوا {أن يأتيهم بأسنا} يعني عذابنا {بياتًا} يعني ليلًا {وهم نائمون}. اهـ.

.قال أبو حيان:

{أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون}.
الهمزة دخلت على أمن للاستفهام على جهة التوقيف والتوبيخ والإنكار والوعيد للكافرين المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك والفاء لعطف هذه الجملة على ما قبلها، وقال الزمخشري: فإن قلت: ما المعطوف عليه ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو، قلت: المعطوف عليه قوله: {فأخذهم بغتة} وقوله: {ولو أن أهل القرى} إلى {يكسبون} وقع اعتراضًا بين المعطوف والمعطوف عليه وإنما عطفت بالفاء لأنّ المعنى فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة أبعد ذلك أمن {أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا} وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى انتهى.
وهذا الذي ذكره الزمخشري من أن حرف العطف الذي بعد همزة الاستفهام وهو عاطف ما بعدها على ما قبل الهمزة من الجمل رجوع إلى مذهب الجماعة في ذلك وتخريج لهذه الآية على خلاف ما قرّر هو من مذهبه في غير آية أنه يقدر محذوف بين الهمزة وحرف العطف يصحّ بتقديره عطف ما بعد الحرف عليه وأنّ الهمزة وحرف العطف واقعان في موضعهما من غير اعتبار تقديم حرف العطف على الهمزة في التقدير وأنه قدّم الاستفهام اعتناء لأنه له صدر الكلام وقد تقدّم كلامنا معه على هذه المسألة وبأسنا عذابنا وبياتًا ليلًا وتقدم تفسيره أول السورة، ونصبه على الظرف أي وقت مبيتهم أو الحال وذلك وقت الغفلة والنوم فمجيء العذاب في ذلك الوقت وهو وقت الراحة والاجتماع في غاية الصعوبة إذ أتى وقت المأمن. اهـ.

.قال أبو السعود:

{أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى} أي أهلُ القرى المذكورةِ، على وضع المُظهرِ موضِعَ المُضمر للإيذان بأن مدارَ التوبيخِ أمْنُ كلِّ طائفةٍ ما أتاهم من البأس لا أمنُ مجموعِ الأمم، فإن كلَّ طائفةٍ منهم أصابهم بأسٌ خاصٌّ بهم لا يتعداهم إلى غيرهم كما سيأتي، والهمزةُ لإنكار الواقعِ واستقباحِه لا لإنكار الوقوعِ ونفيِه كما قاله أبو شامةَ وغيرُه لقوله تعالى: {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون} والفاءُ للعطف على أخذناهم وما بينهما اعتراضٌ توسّط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذَ المذكورَ مما كسبتْه أيديهم والمعنى أبعدَ ذلك الأخذِ أمِنَ أهلُ القرى {أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بياتا} أي تبييتًا أو وقتَ بياتٍ أي مَبيتًا أو مبيتين وهو في الأصل مصدرٌ بمعنى البيتوتة ويجيء بمعنى التبييتِ كالسلام بمعنى التسليم {وَهُمْ نَائِمُونَ} حالٌ من ضميرهم البارزِ أو المستترِ في بياتًا. اهـ.

.قال الألوسي:

{أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى}.
الهمزة لانكار الواقع واستقباحه، وقيل: لانكار الوقوع ونفيه، وتعقب بأن {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله} [الأعراف: 99] إلخ يأباه، والفاء للتعقيب مع السبب، والمراد بأهل القرى قيل: أهل القرى المذكورة على وضع المظهر موضع المضمر للإيذان بأن مدار التوبيخ أمن كل طائفة ما أتاهم من البأس لا أمن مجموع الأمم، وقيل: المراد بهم أهل مكة وما حواليها ممن بعث إليه نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الأولى عندي وإلى ذلك ذهب محيي السنة، والعطف على القولين على {فأخذناهم بَغْتَةً} [الأعراف: 95] لا على محذوف ويقدر بما يناسب المقام كما وقع نحو ذلك في القرآن كثيرًا، وأمر صدارة الاستفهام سهل، وقوله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ} [الأعراف: 96] إلخ اعتراض توسط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور مما كسبته أيديهم نظرًا للأول ولأنه يؤيد ما ذكر من أن الأخذ بغتة ترتب على الإيمان والتقوى، ولو عكس لانعكس الأمر نظرًا للثاني، ولو جعلت اللام فيما تقدم للجنس أكد هذا الاعتراض المعطوف والمعطوف عليها وشملهما شمولًا سواء على ما في الكشف ولم يجعل العطف على {فإخذناهم} [الأعراف: 96] الأقرب لأنه لم يسق لبيان القرى وقصة هلاكها قصدًا كالذي قبله فكان العطف عليه دونه أنسب وهذا إذا أريد بالقرى القرى المدلول عليها بما سبق، وأما إذا أريد بها مكة وما حولها فوجه ذلك أظهر لأن منشأ الانكار ما أصاب الأمم السالفة لا ما أصاب أهل مكة ومن حولها من القحط وضيق الحال، وربما يقال: إذا كان المراد بأهل القرى في الموضعين أهل مكة وما حولها يكون العطف على الأقرب أنسب، والمعنى أبعد ذلك الأخذ لمن استكبر وتعزز وخالف الرسل عليهم السلام وشيوعه والعلم به يأمن أهل القرى المشاركون لهم في ذلك {أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا} أي عذابنا {بياتا} أي وقت بيات وهو مراد من قال ليلا، وهو مصدر بات ونصبه على الظرفية بتقدير مضاف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول أي بائتين، وجوز أن يكون مصدر بيت ونصبع على أنه مفعول مطلق ليأتيهم من غير لفظه أي تبيبتًا أو حال من الفاعل بمعنى مبيتا بالكسر أو من المفعول بمعنى مبيتين بالفتح، واختار غير واحد الظرفية ليناسب ما سيأتي {وَهُمْ نَائِمُونَ} حال من ضميرهم البارز أو المستتر في بياتا لتأويله بالصفة كما سمعت وهو حال متداخلة حينئذ. اهـ.

.قال ابن عاشور:

والفاء في قوله: {أفأمن أهل القرى} عاطفة أفادت الترتب الذكري، فإنه لما ذكر من أحوال جميعهم ما هو مثار التعجيب من حالهم أعقبه بما يدل عليه معطوفًا بفاء الترتب.
ومحل التعجيب هو تواطؤهم على هذا الغرور، أي يترتب على حكاية تكذيبهم وأخذِهم استفهامُ التعجيب من غرورهم وأمنهم غضب القادر العليم.
وقد تقدم الكلام على مثل هذا التركيب عند قوله تعالى: {أفكلما جاءكم رسول} في سورة البقرة (87).
وجيء بقوله: {يأتيهم} بصيغة المضارع لأن المراد حكاية أمنهم الذي مضى من إتيان بأس الله في مستقبل ذلك الوقت. اهـ.